أبشع وأغرب قصة حب في التاريخ
تسجل العديد من قصص الحب في التاريخ ملامح من الوفاء والشجاعة، مثل قصة عنترة وعبلة أو روميو وجولييت، لكن هناك قصة حب تتخطى كل الحدود وتصل إلى مرحلة الجنون والإجرام. إنها قصة حقيقية وليست من الخيال، قصة حب تحولت إلى جريمة بشعة وقصة مأساوية عن رجل يدعى كارل فون كوسيل، طبيب ألماني غريب الأطوار، عاش قصة حب مظلمة.
بداية القصة: حلم غريب وتوقعات غير عادية
وُلد كارل فون كوسيل في 8 فبراير 1877 في مدينة دريسدن بألمانيا. كان كارل طبيبًا تقنيًا متخصصًا في الإشعاع، وكان شخصًا غريب الأطوار وله العديد من الاهتمامات العجيبة. على الرغم من أنه تزوج في عام 1920 من امرأة تُدعى دوريس آنا شيفر ورزق منها بطفلتين، إلا أن قلبه كان متعلقًا بحلم غريب يتكرر معه منذ طفولته. كان يرى في منامه امرأة من عائلته توفيت منذ فترة طويلة، وكانت تظهر له وتقول له: "أنت ستلتقي يومًا ما بامرأة رائعة الجمال ذات شعر أسود كسواد الليل، وستكون هي شريكة حياتك."
اللقاء المأساوي: ماريا أيلينا ميلاجرو
في عام 1930، انتقل كارل إلى الولايات المتحدة للعمل في أحد المستشفيات الكبرى. هناك، التقى بامرأة تدعى ماريا أيلينا ميلاجرو، وهي فتاة أمريكية من أصل كوبي تبلغ من العمر 21 عامًا. كانت ماريا قد جاءت إلى المستشفى لإجراء فحص، وعندما رآها كارل، تعجب لأن هذه هي نفس الفتاة التي كان يحلم بها. شعر أنها هي شريكة حياته التي طالما انتظرها، وقرر أن يكون بجانبها بأي شكل من الأشكال. لكن الصدمة الكبرى كانت عندما تبين أن ماريا مصابة بمرض السل، وهو مرض كان في ذلك الوقت معروفًا بفتكه بالمصابين به.
رغم محاولاته المستمرة لعلاجها، إلا أن ماريا توفيت في 25 أكتوبر 1931. دفع كارل جميع تكاليف جنازتها، وأقام لها ضريحًا بالقرب من منزل عائلتها. إلا أن حبه المجنون لها دفعه لزيارة قبرها يوميًا لمدة عامين، حيث كان يبكي بحرقة على فقدانها.
الجريمة الفظيعة: عملية ترميم الجثة
في محاولة لتحويل الواقع المرير، قرر كارل أن يتخذ خطوة شديدة الخطورة والجنون. فبدلاً من تقبل حقيقة وفاة ماريا، قام باستخراج جثتها المتحللة من قبرها وأخذها إلى منزله. بدأ في عملية "ترميم" الجثة باستخدام مواد كيميائية لتقليل التعفن والروائح الكريهة، وأعطى الجثة شكلاً يشبه الحياة. استخدم شماعة ملابس لإصلاح كتفيها وأوتار البيانو لخياطة الأنسجة المتضررة، بينما استخدم شعرًا مستعارًا ليعوض عن الشعر المفقود. كما أضاف قطعًا من الحرير الأبيض لتعويض الجلد المتحلل.
استمر كارل في "الحفاظ" على الجثة المرممة لمدة سبع سنوات، حيث كان يعاشرها، يتحدث إليها، ويعيش بجانبها كما لو كانت حية. كانت هذه السنوات التي قضاها مع الجثة هي فصول الجنون التي طبعها في ذاكرته، دون أن يدرك حجم الفظاعة التي ارتكبها.
اكتشاف الجريمة: شقيقة ماريا تكتشف الحقيقة
في عام 1940، بدأت شقيقة ماريا، فلورندا، تسمع شائعات عن وجود جثة محتفظ بها كارل في منزله. شعرت بالريبة وقررت أن تتحقق من الأمر بنفسها. اقتحمت منزل كارل لتكتشف الجثة المحنطة لشقيقتها. أُصيبت بالصدمة والفزع وقررت على الفور إبلاغ السلطات.
تم القبض على كارل وفتح تحقيق في القضية. تم تقييم حالته العقلية من قبل مختصين، وتبين أنه في كامل قواه العقلية. ورغم بشاعة الجريمة، تم إطلاق سراحه بعد فترة قصيرة، مما أثار تساؤلات حول مدى إنسانية النظام القانوني في ذلك الوقت.
النهاية المأساوية: حياة مع دمية
بعد إطلاق سراحه، هاجر كارل إلى مكان غير معلوم، ويقال إنه قضى ما تبقى من حياته مع دمية كانت تشبه ماريا، محتفظًا بذكرياتها المظلمة حتى وفاته في عام 1952.
خاتمة
قصة كارل فون كوسيل تعد من أبشع القصص التي عرفها التاريخ، حيث تجاوزت حدود الحب والوفاء إلى درجة الجنون والإجرام. في محاولة بائسة لإعادة الحياة إلى حبيبته الميتة، ارتكب جريمة جعلت منها قصة حزينة ومعقدة تدور حولها العديد من التساؤلات عن العقل البشري وحدوده. هذه القصة تظل درسًا في كيفية تأثير الحب المجنون على الإنسان وكيف يمكن أن ينقلب إلى شيء مظلم ومدمر.