recent
أخبار ساخنة

ما هي متلازمة ستوكهولم ؟


ما هي متلازمة ستوكهولم؟

تعتبر متلازمة ستوكهولم ظاهرة نفسية نادرة قد تصيب الأفراد الذين تعرضوا لتجارب اختطاف أو اعتداءات جسدية أو نفسية، حيث يبدأ الضحية في التعاطف مع الجاني، وقد يصل الأمر إلى الولاء العاطفي أو حتى التعلق الشديد. الأمر الذي يثير الدهشة أن الضحية قد تجد نفسها تدافع عن الخاطف، بل وقد تتعاون معه في بعض الحالات. يبدو أن هذه الظاهرة تمثل حالة نفسية معقدة تتفاعل فيها عدة عوامل نفسية وبيئية.

أصل التسمية: حادثة سرقة بنك ستوكهولم

تم ربط متلازمة ستوكهولم بحادثة حقيقية وقعت في عام 1973، في مدينة ستوكهولم السويدية. في ذلك الوقت، قام مجرمون بسرقة بنك واحتجزوا عددًا من الموظفين كرهائن لمدة أسبوع كامل. خلال هذه الفترة، حدث أمر غريب للغاية؛ حيث تعاطف الرهائن مع الخاطفين، بل أنهم رفضوا التعاون مع الشرطة أو حتى تقديم المساعدة للإفراج عنهم. الأمور تطورت بشكل أكثر غرابة، إذ في نهاية الأزمة، بدأ هؤلاء الرهائن يدافعون عن الخاطفين، مما دفع المختصين في الطب النفسي وعلم الجريمة لتفسير هذه الظاهرة الغريبة، ومن ثم تم تسميتها بـ "متلازمة ستوكهولم"، تيمناً بهذه الحادثة الشهيرة.

جريمة اختطاف الطفلة "ناتشا كامبوش"

إحدى الحالات الأكثر شهرة التي تم ربطها بمتلازمة ستوكهولم هي قصة الطفلة ناتشا كامبوش. في عام 1998، تم اختطاف الطفلة السويدية ناتشا كامبوش التي كانت في عاشرة من عمرها، من قبل فولفجانج بريكلوبيل، الذي احتجزها في قبو لمدة ثمانية أعوام. خلال تلك السنوات، تعرضت ناتشا لمعاملة قاسية، إذ قام باحتجازها في مكان ضيق، وهددها بالتعذيب إن لم تلتزم بتعليماته. إلا أنه في السنوات الأخيرة من احتجازها، بدأ الخاطف يُظهر بعض التعاطف، حيث سمح لها بمشاركة وجبات الطعام ومشاهدات التلفاز.

وفي عام 2006، استغلت ناتشا فرصة عندما كان الخاطف مشغولًا في مكالمة هاتفية، و هربت بعيدًا عن القبو. وبعد أن تم إنقاذها، قامت ناتشا بمشاركة قصتها في البرامج التلفزيونية، حيث تحدثت عن معاناتها الكبيرة.

ولكن، ما أثار الدهشة أكثر كان رد فعل ناتشا بعد انتحار الخاطف، حيث انهارت تمامًا وحزنت على وفاته. في حديثها، قالت إنها كانت تعتبره جزءًا من حياتها طوال تلك السنوات. التفسير النفسي لهذه الظاهرة يشير إلى أن ناتشا قد تأثرت بشكل كبير من قسوة الظروف التي عاشتها، ما جعلها تطور علاقة نفسية مع الخاطف.

الأسباب النفسية وراء متلازمة ستوكهولم

تشير الأبحاث إلى أن متلازمة ستوكهولم يمكن أن تكون نتيجة لعدة عوامل نفسية، مثل:

  1. التفاعل المستمر مع الخاطف: بمرور الوقت، يمكن أن يبدأ الضحية في إعادة تفسير تصرفات الخاطف على أنها أفعال غير ضارة أو حتى تعبيرات عن الرعاية.
  2. التهديد والخوف: في بعض الأحيان، يمكن أن يؤدي الخوف المستمر من الخاطف إلى مشاعر الولاء تجاهه كطريقة للبقاء على قيد الحياة.
  3. الانعزال الاجتماعي: في حالة الاحتجاز المطول، قد يشعر الضحية بالعزلة، مما يعزز ارتباطه بالخاطف كوسيلة للبقاء على اتصال بالعالم الخارجي.

حالة ناتشا كامبوش بعد التحرر

بعد تحرر ناتشا، تعرضت لعدد من التحديات النفسية، لكن ما يثير الاستغراب هو أن أول شيء فعلته بعد تلقي تعويضات مالية كان شراء المنزل الذي عاشت فيه خلال سنوات العذاب، أي منزل الخاطف نفسه. هذا التصرف يعكس بشكل أكبر تعقيد العلاقة النفسية التي تشكلت بين ناتشا والخاطف طوال تلك السنوات.

الخاتمة

متلازمة ستوكهولم هي ظاهرة نفسية غريبة ولكن حقيقية، تظهر في حالات اختطاف أو احتجاز طارئ حيث يبدأ الضحية في التعلق بالجاني، بل وقد يدافع عنه. تظل هذه الظاهرة مصدرًا للدهشة والفضول في مجالات علم النفس وعلم الجريمة، وتسلط الضوء على التفاعلات النفسية المعقدة بين الضحية والخاطف. قصة ناتشا كامبوش وغيرها من الحوادث تشهد على تعقيد هذه الظاهرة التي تبقى محط تساؤلات ومحاولات لفهمها بشكل أعمق.

google-playkhamsatmostaqltradent