مانشستر يونايتد.. رحلة البحث عن الذات في موسم معقد
لا يمر مانشستر يونايتد بأفضل مواسمه، بل يمكن القول إن الفريق يواجه أحد أكثر المواسم تعقيدًا في تاريخه الحديث. رغم التأهل إلى ربع نهائي الدوري الأوروبي، إلا أن الأداء المحلي للفريق في الدوري الإنجليزي الممتاز يثير قلق الجماهير والإدارة، حيث يحتل الشياطين الحمر مركزًا متأخرًا على غير العادة، مما يجعله قريبًا من تسجيل واحد من أسوأ مواسمه منذ هبوطه في موسم 1973-1974.
وسط هذا التخبط، يظهر اسم واحد كالنجم الساطع في سماء مانشستر يونايتد، وهو القائد برونو فرنانديز، اللاعب الذي استعاد تألقه مؤخرًا وأعاد الأمل لجماهير الفريق. برونو كان له الفضل الأكبر في تأهل يونايتد إلى ربع نهائي الدوري الأوروبي، بعدما سجل هاتريك رائع خلال الفوز على ريال سوسيداد (4-1) في إياب دور الـ16، وهي المباراة التي أظهرت مدى أهمية البرتغالي داخل التشكيلة، خصوصًا بعد أن سجل هدفًا مهمًا ضد آرسنال في الدوري الإنجليزي الممتاز قبلها بأيام قليلة.
عودة فرنانديز إلى القمة.. النجم الذي لا يُقهر
حينما انضم فرنانديز إلى مانشستر يونايتد في يناير 2020، أحدث نقلة نوعية في الفريق، حيث أصبح أهم لاعب في كتيبة الشياطين الحمر وصاحب التأثير الأكبر على النتائج. منذ ذلك الحين، اعتمد عليه الفريق بشكل كبير في صناعة الأهداف، تسجيلها، وقيادة الهجوم، ما جعله أحد أفضل لاعبي الوسط في أوروبا.
لكن مع بداية هذا الموسم، بدا أن الأمور تسير في اتجاه مغاير، إذ واجه الفريق مشاكل فنية عديدة، ومعها تراجع مستوى عدد كبير من اللاعبين الأساسيين. لم يكن فرنانديز بعيدًا عن هذه الأزمات، حيث عانى أيضًا من انخفاض طفيف في تأثيره الهجومي، خاصة مع قدوم لاعبين جدد لم ينسجم معهم بالشكل المطلوب.
رغم هذا التراجع، كان برونو ثابتًا على مستوى الأداء الفني، إلا أن مساهماته التهديفية قلت، ما عرضه لانتقادات كبيرة، خاصة بعدما منحه المدرب الهولندي إريك تين هاج شارة القيادة بدلًا من المدافع الإنجليزي هاري ماجواير. هذا القرار جعل الأضواء مسلطة عليه أكثر من أي وقت مضى، وزادت التوقعات حول قدرته على قيادة الفريق للخروج من الأزمة.
تغيير المدرب وبداية عهد جديد
مع رحيل تين هاج عن الفريق، وإسناد المهمة إلى روبن أموريم، تغيرت العديد من الأمور التكتيكية داخل يونايتد. احتاج الفريق بعض الوقت لفهم أسلوب المدرب الجديد، لكن برونو وجد نفسه في وضع صعب، حيث لم يكن متأقلمًا مع التعليمات الجديدة في البداية. مع مرور الوقت، بدأ في استعادة مستواه شيئًا فشيئًا، حتى عاد ليكون النجم الأول في الفريق مجددًا.
إحدى التغييرات الكبرى التي أجراها أموريم هي تحويل خطة اللعب إلى (3-4-3)، والتي وضعت برونو في مركز أكثر عمقًا في وسط الملعب، بدلًا من دوره التقليدي كصانع ألعاب أو جناح. هذا التغيير منحه مساحة أكبر للتحرك، وأتاح له فرصة المساهمة الدفاعية بجانب دوره الهجومي المعتاد، ليصبح اللاعب الأكثر تأثيرًا على منظومة الفريق داخل أرض الملعب.
انتقادات كبيرة.. وإشادات مستحقة
على مدار مسيرته مع مانشستر يونايتد، كان فرنانديز أحد أكثر اللاعبين تعرضًا للانتقادات، سواء من الجماهير أو المحللين، وحتى بعض أساطير النادي السابقين. ففي مارس 2023، تعرض لانتقادات لاذعة من النجم السابق جاري نيفيل عقب الهزيمة المذلة أمام ليفربول (0-7)، حيث شكك في قدرته على القيادة. كما انضم روي كين إلى قائمة المنتقدين، حيث سخر من فكرة أن مانشستر يونايتد قد يكون أسوأ بدون فرنانديز، قائلًا: "إلى أي مدى يمكن أن يكون أسوأ؟".
لكن على أرض الواقع، الأرقام تثبت مدى أهمية برونو للفريق. فهو الآن الهداف الأول للفريق هذا الموسم برصيد 15 هدفًا، وسجل في 12 مباراة مختلفة، منها 8 مباريات كانت أهدافه حاسمة في تغيير نتيجة المباراة، إما بتحويل الخسارة إلى تعادل، أو التعادل إلى فوز.
أرقام مذهلة.. برونو في القمة رغم تراجع الفريق
رغم أن مانشستر يونايتد بعيد عن المنافسة على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز، فإن فرنانديز يقدم إحصائيات فردية رائعة. فقد ساهم حتى الآن في 28 هدفًا (15 هدفًا و13 تمريرة حاسمة)، وهو ثالث أعلى رقم بين لاعبي الدوري الإنجليزي الممتاز، بعد إيرلينج هالاند (32 هدفًا) ومحمد صلاح (54 هدفًا).
كما أن تأثيره لم يقتصر على الدوري المحلي فقط، بل امتد إلى كأس الاتحاد الإنجليزي، حيث سجل هدفًا ضد فولهام قبل خسارة الفريق بركلات الترجيح. أما في مواجهة إيفرتون، فقد أحرز ركلة حرة رائعة قلبت مجريات اللقاء لصالح فريقه.
وفي آخر مبارياته أمام ريال سوسيداد، أظهر شخصيته القيادية، حيث لعب دور المنقذ بتسجيله هاتريك تاريخي قاد الفريق للتأهل إلى ربع نهائي الدوري الأوروبي، وهو ما دفع أسطورة يونايتد بول سكولز للتعليق قائلًا:
"في الأسابيع الأخيرة، كان برونو مذهلًا.. إنه يحمل الفريق على كتفيه نحو تحقيق النجاحات."
ميزة إضافية.. برونو لا يُصاب!
إحدى أبرز نقاط قوة برونو فرنانديز هي ندرة تعرضه للإصابات، ما يجعله لاعبًا ثابتًا في التشكيلة الأساسية طوال الموسم. هذه الميزة تمنح يونايتد استقرارًا كبيرًا في خط الوسط، خاصة في ظل إصابات اللاعبين الآخرين المتكررة.
الدوري الأوروبي.. طوق النجاة في موسم صعب
في ظل الوضع المتردي للفريق في الدوري الإنجليزي الممتاز، لم يتبق أمام مانشستر يونايتد سوى الدوري الأوروبي كفرصة وحيدة لإنقاذ الموسم. إذا استمر فرنانديز في تألقه الحالي، فقد يتمكن الفريق من الفوز باللقب، مما قد يمنح الجماهير بعض الأمل في أن المستقبل قد يكون أفضل.
خاتمة: برونو فرنانديز.. القائد الذي يرفض الاستسلام
رغم كل الصعوبات، يواصل برونو فرنانديز إثبات أنه أحد أهم اللاعبين في تاريخ مانشستر يونايتد الحديث. في كل مباراة، يظهر عزيمة وإصرارًا على قيادة الفريق للخروج من أزمته، وبين الانتقادات الحادة والإشادات المستحقة، يظل هو النجم الأبرز الذي يحمل آمال الشياطين الحمر.
قد يكون هذا الموسم أحد أسوأ مواسم مانشستر يونايتد في العقود الأخيرة، لكن مع وجود قائد مثل فرنانديز، تبقى هناك بارقة أمل بأن الفريق قادر على النهوض من جديد. فهل يقودهم لتحقيق اللقب الأوروبي؟ الأسابيع القادمة ستكشف لنا الحقيقة!