recent
أخبار ساخنة

الجمعة أولى الليالي الوترية.. هل تكون ليلة القدر؟

الجمعة أولى الليالي الوترية.. هل تكون ليلة القدر؟


مقدمة: الليالي العشر الأواخر وأهميتها في شهر رمضان

مع اقتراب نهاية شهر رمضان المبارك، يزداد شغف المسلمين حول العالم بإحياء العشر الأواخر من هذا الشهر الفضيل، لما تحمله من خير عظيم وبركات لا تُعد ولا تُحصى. وتزداد مكانة هذه الليالي تحديدًا بسبب إخفاء الله عز وجل لليلة القدر بين طياتها، تلك الليلة التي قال عنها الله تعالى في كتابه الكريم: "لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ" [سورة القدر: 3].

وفي هذا السياق، يُقبل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها على العبادة والاجتهاد في الطاعات والتقرب إلى الله، راجين أن يدركوا هذه الليلة المباركة التي قد تغيّر مصائرهم وتكتب لهم المغفرة والعتق من النار.

الجمعة القادمة.. أولى الليالي الوترية من العشر الأواخر

تبدأ غدًا، الخميس مع غروب الشمس، أولى الليالي الوترية من العشر الأواخر لشهر رمضان المبارك لعام 1446 هـ (2025 م)، حيث توافق ليلة 21 رمضان. وتأتي هذه الليلة تحديدًا مع ليلة الجمعة، مما دفع الكثيرين للتساؤل: هل تكون هذه الليلة هي ليلة القدر؟

يؤكد العلماء أن الله تعالى قد أخفى ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان لحكمة عظيمة، حتى يجتهد العباد في العبادة في جميع هذه الليالي دون أن يتكلوا على ليلة بعينها. وأوصى النبي محمد صلى الله عليه وسلم بتحريها في الليالي الوترية بشكل خاص، كما جاء في الحديث الشريف: "تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان" (متفق عليه).

لماذا يرجّح بعض العلماء أن تكون ليلة القدر إذا صادفت ليلة الجمعة؟

برز بين العلماء رأي يُرجّح أن تكون ليلة القدر إذا اجتمعت مع ليلة الجمعة في إحدى الليالي الوترية، مستندين إلى فضل يوم الجمعة في الإسلام. فقد أشار الحافظ ابن رجب الحنبلي إلى أن "إذا وافقت ليلة الجمعة إحدى ليالي الوتر من العشر الأواخر فهي أرجى أن تكون ليلة القدر". كما ذكر ابن هبيرة في كتابه أن وقوع ليلة الجمعة ضمن الليالي الوترية يعزز هذا الاحتمال، باعتبار أن الجمعة يوم عيد أسبوعي للأمة الإسلامية، وفيه ساعة استجابة للدعاء لا ترد.

وروى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: "خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة، فيه خُلق آدم، وفيه أُدخل الجنة، وفيه أُخرج منها، ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة"، مما يزيد من مكانة هذا اليوم وخصوصيته بين سائر الأيام.

مواعيد الليالي الوترية في رمضان 1446 هـ

بحسب الحسابات الفلكية، فإن الليالي الوترية التي يمكن أن تصادف ليلة القدر لهذا العام هي كالتالي:

ليلة 21 رمضان: تبدأ مع مغرب الخميس 20 رمضان وتنتهي مع فجر الجمعة 21 رمضان.

ليلة 23 رمضان: تبدأ مع مغرب السبت 22 رمضان وتنتهي مع فجر الأحد 23 رمضان.

ليلة 25 رمضان: تبدأ مع مغرب الاثنين 24 رمضان وتنتهي مع فجر الثلاثاء 25 رمضان.

ليلة 27 رمضان: تبدأ مع مغرب الأربعاء 26 رمضان وتنتهي مع فجر الخميس 27 رمضان.

ليلة 29 رمضان: تبدأ مع مغرب الجمعة 28 رمضان وتنتهي مع فجر السبت 29 رمضان.


هذه الليالي جميعها مرشحة لأن تكون ليلة القدر، ولكن بحسب ما ذهب إليه بعض الفقهاء، فإن اجتماع الليلة الوترية مع ليلة الجمعة يعزز من رجاء أن تكون هي الليلة المباركة.

دار الإفتاء المصرية: 4 أعمال مستحبة في هذه الليالي

وجهت دار الإفتاء المصرية نصيحة مهمة للمسلمين مع حلول العشر الأواخر، مؤكدة أن ليلة القدر قد تقع في أي من الليالي الوترية، لذا شددت على ضرورة الاجتهاد في كل العشر وعدم الاتكال على ليلة بعينها. وقد ذكرت الدار أربعة أعمال رئيسية ينبغي للعبد أن يحرص عليها في هذه الليالي المباركة:

1. الاجتهاد في الصلاة: خاصة صلاة القيام والتهجد.


2. الإكثار من الدعاء: بخاصة الأدعية المأثورة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بها.


3. الاستغفار والتوبة: بنية أن تكون هذه الليالي بداية جديدة للعبد مع ربه.


4. القيام والذكر: واغتنام ساعات الليل في الذكر وقراءة القرآن.



كما استشهدت دار الإفتاء بالحديث النبوي الشريف: "تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان"، لتؤكد ضرورة استغلال هذه الليالي المباركة وعدم التفريط فيها.

علامات ليلة القدر في ضوء السنة النبوية

أوردت السنة النبوية بعض العلامات التي قد تدل على ليلة القدر، ومن أشهرها:

أن تكون ليلة معتدلة الطقس، لا حارة ولا باردة.

أن يشعر المؤمن بسكينة وطمأنينة في قلبه.

أن تطلع الشمس في صبيحتها بيضاء لا شعاع لها.

أن يكون الجو مليئًا بالهدوء والخشوع.


مع ذلك، أوصى النبي محمد صلى الله عليه وسلم بعدم الانشغال بتحري العلامات بقدر الاجتهاد في الطاعة والعبادة، لأن الثواب معلق بالإحياء والاجتهاد لا بمجرد المعرفة.

فضل ليلة القدر في الإسلام

ليلة القدر لها مكانة عظيمة في الإسلام، فهي الليلة التي أُنزل فيها القرآن الكريم، وعبادة ليلة واحدة فيها خير من عبادة ألف شهر، أي ما يعادل أكثر من 83 عامًا. كما أن الله عز وجل يغفر الذنوب لعباده الصادقين ويكتب لهم فيها الأقدار المباركة للعام المقبل.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه" (رواه البخاري ومسلم)، مما يجعل هذه الليلة فرصة عظيمة لكل مسلم ومسلمة لبدء صفحة جديدة مع الله تعالى.

خاتمة: فرصة لا تتكرر

بينما تتأهب الأمة الإسلامية لدخول العشر الأواخر من رمضان، علينا أن ندرك أن هذه الأيام والليالي قد تكون فرصتنا للنجاة والارتقاء في الدنيا والآخرة. سواء وافقت ليلة القدر ليلة الجمعة أم لا، فإن الاجتهاد في كل الليالي هو السبيل لنيل هذا الفضل العظيم. فلنغتنم هذه الساعات، ولنرفع أكف الضراعة إلى الله سائلين إياه أن يجعلنا من الذين كتب لهم القبول والرحمة في هذه الليالي المباركة.

فقد تكون هذه الليلة القادمة هي الليلة التي يُكتب لك فيها الخير الذي لا ينقطع.
google-playkhamsatmostaqltradent