recent
أخبار ساخنة

السيسي يؤدي صلاة الفجر في مسجد السيدة نفيسة وسط تفاعل واسع: دلالات المشهد وأبعاد الحضو٦

السيسي يؤدي صلاة الفجر في مسجد السيدة نفيسة وسط تفاعل واسع: دلالات المشهد وأبعاد الحضور


إعداد: فريق تحرير الشرق الأوسط

أثار الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي تفاعلاً كبيراً على منصات التواصل الاجتماعي عقب ظهوره في مقطع مصور نشرته الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية، يوثق أداءه صلاة الفجر بمسجد السيدة نفيسة، أحد أهم وأشهر المساجد الدينية والتاريخية في العاصمة القاهرة. المشهد الذي بدا بسيطًا وروحانيًا للوهلة الأولى، حمل في طياته الكثير من الدلالات الرمزية التي تناقلها المراقبون والنشطاء على اختلاف توجهاتهم، ما بين قراءة سياسية وأخرى اجتماعية أو حتى أمنية.

تفاصيل المشهد: الرئيس في السيدة نفيسة برفقة الحكومة

ظهر الرئيس السيسي وهو يتقدم صفوف المصلين في المسجد، وبجواره رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي وعدد من كبار الشخصيات والمسؤولين في الدولة، في مقدمتهم وزراء ومحافظون وشخصيات أمنية. أداء الصلاة كان في مسجد السيدة نفيسة، والذي يتمتع بمكانة خاصة في قلوب المصريين، نظرًا لارتباطه بالسيدة نفيسة بنت الحسن، التي تُعد من الرموز الدينية المحببة عند قطاع عريض من المصريين.

وبحسب بوابة الأهرام الرسمية، لم يكن السيسي بمفرده، بل حرص على أن يكون هذا الظهور جماعيًا، وهو ما أضفى بُعدًا رسميًا وروحانيًا على المشهد، وفتح الباب أمام عدة قراءات حول الهدف من اختيار هذا التوقيت والمكان للظهور العلني.

المسافة بين السيسي والمصلين: جدل واسع وتفسيرات متباينة

أحد أبرز ملامح الجدل الذي اشتعل عقب انتشار الفيديو، كان التركيز على المسافة الواضحة بين السيسي والإمام، وكذلك بين الرئيس وبقية صفوف المصلين بجانبه. اعتبر البعض أن ذلك يدخل ضمن الإجراءات البروتوكولية المعتادة التي تفرضها الأجهزة الأمنية لضمان سلامة الرئيس خلال ظهوره في أماكن عامة، خاصة مع تزايد المخاطر الأمنية في المنطقة بشكل عام.

في المقابل، رأى آخرون أن الأمر يعكس صورة ربما تعبر عن الفجوة بين القيادة والشارع، مستشهدين بمقاطع قديمة لرؤساء سابقين وهم يصلون وسط المواطنين من دون وجود حواجز أو مسافات فاصلة. بينما قلل آخرون من هذه الزاوية، مؤكدين أن البروتوكولات الأمنية المتبعة مع الشخصيات الكبرى تحتم توفير هامش معين من الأمان مهما كان السياق أو المناسبة.

البعد الرمزي لاختيار مسجد السيدة نفيسة

اختيار مسجد السيدة نفيسة لم يكن تفصيلاً هامشيًا في نظر كثير من المتابعين، بل جاء ليثير شجوناً دينية وثقافية عميقة لدى المصريين. المسجد يُعد من الأماكن المحببة لقطاع واسع من المواطنين، وهو وجهة للزوار من مختلف الطبقات الاجتماعية، حيث يقصده الآلاف للتبرك وزيارة مقام السيدة نفيسة، التي تحظى بمكانة دينية خاصة.

من هنا، قرأ البعض المشهد على أنه محاولة لإعادة التذكير بقيم التصوف والتدين الشعبي، الذي ارتبط تاريخيًا بالهوية المصرية الوسطية. ففي وقت يشهد فيه المجتمع حالة من الجدل بين تيارات فكرية متباينة، سواء على مستوى الفكر الديني أو الاجتماعي، جاء الظهور في مسجد صوفي الطابع كرسالة ضمنية لإعادة إحياء القيم الدينية المرتبطة بالسلام الداخلي والتسامح.

توقيت الزيارة: رمضان والرسائل السياسية

لم يمر توقيت ظهور السيسي في هذا المشهد مرور الكرام، إذ جاءت صلاة الفجر خلال أيام الثلث الأوسط من شهر رمضان، وهو التوقيت الذي تزداد فيه المشاعر الإيمانية لدى المصريين، الذين يعتادون خلال هذا الشهر المبارك على أداء العبادات بشكل جماعي في المساجد الكبرى.

وبحسب مراقبين، فإن ظهور الرئيس في هذا التوقيت قد يحمل في طياته رسالة لطمأنة الشارع المصري في ظل تحديات سياسية واقتصادية تمر بها البلاد، خاصة مع تصاعد الغضب الشعبي مؤخرًا تجاه بعض القرارات الاقتصادية الصعبة. وعليه، قد يكون هذا الظهور في لحظة روحانية متزامنة مع أجواء رمضان جزءًا من خطاب غير مباشر للشارع، يعكس قرب القيادة من المشاعر العامة للمصريين ومحاولة مد جسور رمزية مع المزاج الشعبي.

السوشيال ميديا تشتعل: بين الترحيب والانتقاد

تفاوتت ردود الأفعال على منصات التواصل الاجتماعي عقب تداول الفيديو. ففي حين رأى قطاع من النشطاء أن هذا المشهد يُعزز صورة الرئيس كونه قريبًا من قيم التدين الشعبي ويشارك المواطنين أجواء الشهر الكريم، ذهب آخرون إلى التركيز على ما اعتبروه "حاجزًا نفسيًا" بين القيادة والشعب، خاصة مع تكرار مشاهد تظهر فيها الشخصيات السياسية في وضعية منفصلة عن بقية المواطنين.

بعض المغردين على تويتر كتبوا عبارات ترحيب مثل: "صورة جميلة للرئيس في بيت من بيوت الله، رسالة مهمة في توقيت مهم"، في حين ذهب آخرون إلى القول: "لماذا هذه المسافة بينه وبين بقية الصفوف؟ ألم يكن الأجدى أن يكون وسط الناس؟"، في إشارة إلى مشاهد قديمة لرؤساء وزعماء سابقين في مواقف مشابهة.

الإعلام الرسمي: تسليط الضوء على الجانب الروحاني

الإعلام المحلي بدوره ركز على إبراز الطابع الروحاني للحدث، حيث نشرت القنوات والصحف الرسمية تفاصيل المشهد، مسلطة الضوء على الأجواء الرمضانية التي صاحبت الزيارة، والاهتمام الرئاسي بإحياء روح القيم الدينية في المجتمع، مع الإشارة إلى أهمية مسجد السيدة نفيسة كمقصد ديني وثقافي مصري أصيل.

البعد الأمني حاضر بقوة

من ناحية أخرى، لم يغفل العديد من المحللين والمهتمين بالشأن المصري، قراءة المشهد من زاوية أمنية بحتة. فظهور رئيس دولة بحجم مصر في مكان عام، ولو كان دار عبادة، هو مشهد معقد من حيث الحسابات الأمنية التي تحكمه، خصوصاً في ظل التوترات الإقليمية الحالية. وعليه، فإن المسافة التي شغلت حديث وسائل التواصل قد تكون نتاج ترتيبات أمنية دقيقة، هدفها الأساس هو تأمين الرئيس ومرافقيه.

هل تحمل المشاهد الرمضانية رسائل سياسية مستترة؟

يرى خبراء أن توقيت المشهد، خاصة في رمضان، قد يعكس توجهاً لدى القيادة السياسية لاستخدام المناسبات الدينية كوسيلة لإعادة ضبط العلاقة مع الشارع المصري. فشهر رمضان يُعد فرصة ذهبية للقيادات السياسية في مصر والعالم الإسلامي عمومًا لإظهار البعد الديني والإنساني في شخصياتهم، وهو ما قد يساهم في تعزيز شعبية الأنظمة في أوقات الأزمات.

خاتمة: قراءة مفتوحة للمشهد

في نهاية المطاف، يبقى ظهور الرئيس السيسي وهو يؤدي صلاة الفجر في مسجد السيدة نفيسة مشهداً مفتوحًا للتأويل من قبل الشارع والمراقبين. هل كان الهدف منه فقط أداء عبادة في مكان له رمزيته الدينية؟ أم أن اختيار التوقيت والمكان وطبيعة المشهد يحمل في طياته رسائل موجهة للداخل المصري في توقيت دقيق؟

المؤكد أن هذا الظهور لم يكن عادياً، ليس فقط بسبب شخصية من قام به، بل لما يحمله من أبعاد اجتماعية وسياسية وأمنية وثقافية تعكس الواقع المركب الذي تعيشه مصر اليوم.

google-playkhamsatmostaqltradent