في عالم كرة القدم، أن تمتلك هداف الدوري الذي تنافس فيه هو حلم كل جماهير الفرق الكبرى، أما أن يكون هذا اللاعب من بين أفضل هدافي العالم، فهو إنجاز استثنائي. ولكن عندما يكون لديك الهداف التاريخي لكرة القدم، فإنك تمتلك قطعة نادرة في تاريخ اللعبة، وهذا ما يتمتع به نادي النصر بوجود كريستيانو رونالدو في صفوفه.
## انتقادات غير متوقعة لرونالدو
قبل أشهر قليلة، لم يكن من الممكن تصور أن أحدًا سيصف كريستيانو رونالدو بأنه "عالة" على الفريق، لكن بعض جماهير النصر بدأت توجه له انتقادات حادة في الفترة الأخيرة. هذه الموجة من الانتقادات تصاعدت بعد تعاقد الفريق مع المهاجم الكولومبي جون دوران من أستون فيلا، حيث تمكن الأخير من تسجيل 4 أهداف في أول مباراتين له في دوري روشن، مما دفع البعض للمقارنة بينه وبين النجم البرتغالي.
ومع تراجع نتائج الفريق، خاصة بعد الهزائم أمام الاتفاق (2-3) والعروبة (1-2)، وابتعاده عن المنافسة على لقب الدوري، زادت هذه الانتقادات، وتم تحميل رونالدو مسؤولية هذا التراجع، رغم أن الأرقام تحكي قصة أخرى.
## أرقام رونالدو في الدوري السعودي
من ينظر إلى الإحصائيات يدرك أن تلك الانتقادات قد تكون غير عادلة. في الموسم الماضي، توج رونالدو بلقب هداف دوري روشن بعد تسجيله 35 هدفًا في 31 مباراة، كما كان الأكثر صناعة للأهداف في صفوف النصر بـ11 تمريرة حاسمة، ليقترب من رياض محرز نجم الأهلي الذي تصدر قائمة صناعة الأهداف بفارق تمريرتين فقط.
أما في الموسم الحالي، فقد واصل النجم البرتغالي تألقه، حيث يتصدر قائمة هدافي الدوري السعودي برصيد 17 هدفًا، كما أنه يحتل المركز الرابع في ترتيب هدافي دوري النخبة الآسيوي، رغم أنه خاض 5 مباريات فقط في المسابقة.
## تأثير غياب رونالدو عن النصر
في الموسم الحالي، غاب رونالدو عن النصر في 6 مباريات، لم يتمكن الفريق خلالها من تحقيق الفوز سوى مرة واحدة أمام الحزم، وهو فريق يلعب في دوري يلو، بينما تعادل في 4 مباريات وتلقى هزيمة واحدة.
وإذا قمنا بإزالة أهداف رونالدو من حسابات الموسم، لكان النصر فقد 9 نقاط كاملة، مما كان سيجعله يحتل المركز السابع في جدول الترتيب برصيد 38 نقطة بدلًا من المركز الرابع.
لقد كانت أهداف رونالدو سببًا في تحقيق انتصارات حاسمة، مثل الفوز على الشباب وضمك والخليج، وكذلك التعادل مع الرائد في الجولة الأولى والفوز عليه في الجولة 18. ولو لم يسجل تلك الأهداف، لكان الفريق قد خسر مباريات إضافية، مما يثبت أنه لا يزال عنصرًا حاسمًا في تشكيلة النصر.
## الفرص الضائعة والاتهامات الظالمة
يرى البعض أن رونالدو يهدر العديد من الفرص أمام المرمى، حيث تشير الإحصائيات إلى أنه أضاع 13 فرصة محققة هذا الموسم في دوري روشن، لكنه رغم ذلك ليس الأكثر إهدارًا للفرص.
فهناك أربعة لاعبين يتفوقون عليه في هذا الجانب، حيث يأتي جوليان كينونيس في الصدارة بإضاعة 23 فرصة، يليه إيفان توني بـ20 فرصة، ثم عبد الرزاق حمد الله وماركوس ليوناردو بـ14 فرصة، بينما يتساوى معه كريم بنزيما وأوباميانج.
ورغم إهدار الفرص، يبقى رونالدو الأكثر تسجيلًا بين هؤلاء اللاعبين، مما يوضح أن الأمر لا يتعلق بعدد الفرص الضائعة فقط، بل بقدرته على تحويل العديد من الفرص إلى أهداف حاسمة.
## الدرس المستفاد من تجربة مانشستر يونايتد
المعضلة التي يواجهها رونالدو مع جماهير النصر حاليًا ليست جديدة، فقد مرت بها جماهير مانشستر يونايتد عندما عاد إليهم في 2021.
في موسمه الأول مع الفريق الإنجليزي، سجل 24 هدفًا في 38 مباراة، بمعدل هدف كل 133 دقيقة، وكان ثالث هدافي الدوري الإنجليزي برصيد 18 هدفًا.
لكن رغم ذلك، تعرض لانتقادات لاذعة من بعض الجماهير، التي اعتبرته "عالة" على الفريق، مما أدى إلى تدهور علاقته مع المدرب إيريك تين هاج، قبل أن يرحل إلى النصر في منتصف موسم 2022-2023.
والنتيجة؟ تراجع مانشستر يونايتد تهديفيًا بشكل كبير بعد رحيله، ففي الموسم التالي كان هداف الفريق، ماركوس راشفورد، قد سجل 30 هدفًا في 56 مباراة، بمعدل هدف كل 143 دقيقة، وهو معدل أقل من رونالدو.
أما في الموسم الحالي، فبلغت معاناة اليونايتد ذروتها، حيث لم يسجل هداف الفريق، برونو فيرنانديز، سوى 11 هدفًا في 40 مباراة، بمعدل هدف كل 313 دقيقة، مما يوضح أن الفريق فقد قوته التهديفية بعد رحيل النجم البرتغالي.
## الختام: هل يقع النصر في الفخ نفسه؟
في النهاية، سجل رونالدو 44 هدفًا للنصر في 45 مباراة الموسم الماضي، بمعدل هدف كل 90 دقيقة، وفي الموسم الحالي سجل 25 هدفًا في 30 مباراة، بمعدل هدف كل 105 دقائق.
هذه الأرقام تؤكد أن كريستيانو رونالدو لا يزال عنصرًا رئيسيًا في تشكيلة النصر، وأن الفريق قد يعاني بشكل أكبر بدونه. على جماهير النصر أن تتعلم من تجربة مانشستر يونايتد، وألا تقع في فخ التركيز على هدم أهم أعمدة الفريق بدلًا من دعمه، لأن فقدان رونالدو قد يكون له تأثير سلبي على الفريق كما حدث مع الشياطين الحمر.